الخميس، 16 فبراير 2017

رسالة أخري-السقوط

أيها العزيز.. رسالة أخرى، ولا شئ آخر...
مرحباً يا عزيزي،
أكتب لك اليوم بعد توقف عن الكتابة لأجلك دام لثلاثة عشر أشهر وتسعة أيام بالتمام والكمال. لا أدري لماذا أكتب لك، هل هو حنين من نوعٍ ما، أم أنه الفراغ الذي حاق بقلبي طيلة الأشهر – أو السنوات- المنصرمة، أم أنها الضوضاء من حولي، لا أدري...
في الحقيقة...
لا، لن أتحدث عن الحقيقة، أنا في الأساس لم أعد أثق بأي حقيقة،ولا أؤمن بأي شئ... صدقني، لم أعد أتذكر، متى كانت آخر حقيقة مرت على قلبي، ولا أدري متى تحولت حياتي إلى حزمة من الأكاذيب!!!
في الواقع....
لا أيضاً، لن أتحدث عن الواقع، فأنا أكرهه بشدة، ولا أريد إدراكه. أتهرب منه بكل ما أوتيت من كل خصالي القبيحة!!!
دعنا من ذلك...
إنني أريد أن أتحدث معك عن السقوط الحر، هل تدري ما هو السقوط الحر؟ هل جربته من قبل؟!! دعني أحدثك أنا عنه..
السقوط الحر هو أن تسقط بسرعة ثابتة متأثراً –فقط- بعجلة الجاذبية، غير معتبر لأي قوى أخرى أو مؤثر خارجي..
وهذا ما حدث لي بالفعل...
منذ أن سقطتُ من قلبك وأنا أواصل السقوط. عندما وجدتُ نفسي بعدها على قارعة الطريق ظننتني نجوت، لكن الطريق كان منحدراً بشدة، يقود في نهايته إلى حافة وهاوية، لأسقط بشكل مستمر ولا نهائي...
لا أدري لماذا ألقي بكل هذا اللوم عليك، لا أدري حتى لماذا قد أعاتبك!
أعلم بأنه لستَ أنتَ المعني، لكنني في الوقت ذاته لا أعلم من المعني، لديّ خصومة لكن لا أدري مع من، ولا أعلم غيرك لأعلق عليه خيبتي وخذلاني.. وأنا – كعهدك بي- لا أجيد البوح، ولا أحب تبادل الاتهامات، وأؤثر الصمت دوماً...
ونحنُ حين نفقد نتألم، وقد نقاوم، وندافع عن وجودنا بغريزة البقاء. ولكن حين يستمر الفقد، ويستحيل لعادة، نستسلم في النهاية، ونحزن في صمت، ويصبح الصمت أطول، وأعمق، وأكثر وجعاً.
وأنا منذُ فقدتك، فقدتُ الوجود، واعتدتُ الفقدان، ومن ثمَ الوجع، والصمت.. حتى الكتابة، اعتزلتُها، وكيف لي أن أدوِّن واقع لا أحتمل مجرد التفكير فيه!! ما المنطق في توثيق ما أتمنى أن يكون محض كابوس وينجلي!!!
لقد تغيرت حواسي على نحوٍ غريب، لم تعد تثيرني ذات الأصوات والروائح والمشاهد. لم أعد أضحك كلما أمطرت السماء، ولم تعد رائحة عطرك تدغدغ أنفي إذا ما شممتها، بالكاد أتذكر أنها كانت لك. حتى ذاكرتي أصبحت ضحلة بشكلٍ فريد. لم أعد أتذكر الأماكن التي لم تكُن لتفارق مخيلتي، كلُ شئٍ بات باهتاً ومشوشاً، كأنه ماضٍ بعيدٍ لشخصٍ غيري، أو لنسخةٍ مني في حياةٍ أخرى قد مضتْ. لم يعد لديّ سوى الوجع والصمت، حتى شروخ روحي بات من المستحيل عليّ أن أحصيها...
هل حدثتُكَ عن جرح المقربين؟!
هل تذكر عندما أحسنتُ الظن بك في اللحظةِ الأخيرة؟ هل تذكر الخذلان الذي تلى تلكَ اللحظة؟
الجميع فعل ذلك!!!
لا أعلم تحديداً متى وأين بدأت المأساة، وربما في ذلك مأساةٍ أخرى.
أتذكر أن يديّ البكر كانت تبقى لعدةِ أيامٍ محتفظة برائحة يديك، وملمس شفتيك على ظاهرها.. كم كنتُ مميزة! اليوم، وقد اختلطت كل الروائح في أنفي وجسدي وروحي، المتهالكين، لم أعد أرى ما يميزني.
تتداخلُ جميع الذكريات، فتشوشني. وكذلك أنا، أصبحتُ مجرد عدد في ذاكرة أحدهم، أو عدد منهم... يا للسخرية!!! ما معنى أن تختلط الذكريات فلا تعرف تلك الجملة كانت لمن، وهذه الضحكة لمن!!!
يفعلون معي هكذا، وكذلك أصبحتُ أفعل...
أنا لم أعد أنا، لم يعد بداخلي شئ يعرفني، عبثاً أحاول تذكُر ملامحي الأولى، ابتسامتي الأولى، وضحكتي الأولى، وكذلك برائتي.. عبثاً أحاول تذكُر بياض قلبي الأول.. أصبحتُ مسخاً يحمل كل الصفات الخسيسة في كل من قابلتهم، أعلم أنه من الغباء أن أشوه جمالاً بداخلي لأبدو أكثر قبحاً وواقعية منهم، لكن الحقيقة أنني عبثاً أحاول أن أتذكر ماذا كنتُ... شئٌ في ذاكرتي البعيدة يخبرني عن جمالٍ قديمٍ كان لي، لكنني حقاً لم أعد أتذكره، كل ما أذكره أنه كان معك، في تلك الحقبة –المطرودة من الفردوس- من ذاكرة الزمان، وذلك يثيرُ بقلبي الحنين...
الحنين!!!
مصابة أنا بداءِ الحنين، وهو داءٌ عُضال..
الحنين كالعثة، يزحف إلى الروح حين غفلة، يأكلها ببطء، وبطريقة لا تدع مجالاً لأي إصلاحٍ أو تعديل، يصنع بالروح ثقوباً لا علاج لها...
وبسبب هذه الثقوب أكتب إليك الآن، لا لأشكو، أو لأحكي عما ألمّ بي، بل لأتأكد فقط من أنك ما زلت عالقاً في تلك الزاوية البعيدة من روحي، ولم تسقط سهواً من أحد هذه الثقوب...
وسلام وصلاة من روحي المتآكلة إلى روحك التي كنتُ أعرف أسرارها...

السبت، 2 مايو 2015

رقاد

أرقد في سريرِ الموتِ،
تتساقطُ الأهوالُ من سقفِ الحجرةِ المثقوب،
أغمض عيناي، وأهرع إلى كوابيسي،
تنتابني إحدى نوباتِ أرقيَ المعتاد.
أفرُّ من الجدرانِ، ويلازمني ظلٌ تعيسٌ مثقوبٌ في معدتِه، ومدمنٌ على الصمت.

الهواءُ ساخنٌ وجاف، والفتحةُ الوحيدةُ به لا تكفي لإمراري.

الشمسُ تخططُ لتسرقَ مني وقتاً أقفُ بمفردي على حافته الخالية من المارة ومن الأحلام.
أتكئ على غدٍ خاوٍ، وأتذكرُ عندما وقفت على قارعةِ الأملِ الأخير منذ سبعون نجمة، ولم نلتقي. لم يرحل باكراً عن موعدِه، ولم أتأخر أنا، لكنه نسي أن يخبرني أين عليّ أن أنتظر، ونسيتُ أنا أن أتأكدَ إن كان بيننا موعد. فنمتُ، ومنذ ذلكَ العمرُ لم أستيقظ.

الجمعة، 13 مارس 2015

خطاب قصير للجميلة .. لم يرسل بعد!..


هند الجميلة، الرقيقة دوماً، والطفلة أبداً، اليوم هو ذكرى مولدك، لكنني لستُ أظن أنكِ يجب أن تكوني أنتِ المعنيةَ بالتهنئة، إنما من يعرفكِ حقاً هو من تحق له التهنئة، فهل يج نهنئ المولود وننسى المولود له؟!
أنت ولدتِ ذات يوم يشبه يومنا هذا في التاريخ والخفة والسعادة، ولدتِ إلى هذا الكون لتكوني نقطةً بيضاء بين كل ما نراه من سوادٍ لا متناهي، وتكوني مصدرَ تفاؤل وسط مأساةٍ كبيرةٍ نحياها، وسبباً كافياً لكل من أدركك ليؤمن أنه مازال على الأرضِ ما يستحقُ الحياة..

من يعرفكِ يا صغيرة يجب أن يصلي لله في جمالك، ويشكره على الإتيان بك، ويا لها من نعمة..

هند الجميلة، أقتبس لكِ من أقوال درويش المحببة لكلتينا ..
أحبكِ حب القوافل لواحةِ عشب وماء..

والسلام خير ختام، والأليق بكِ.. سلام الله ومحبته على قلبكِ الوديع..

الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

بعض من رسائلي غير المرتبة ... إليه ... الرسالة الأخيرة ..


  أيها الأول، والأجمل، والأغلى ...
يا عزيز
عيني ...

أكتب الآن لأجل يومك الخالي من ذكري.. لأجل طرقاتك الخالية من خطواتي.. لأجل لياليك الخالية من صوتي ووحدتك الخالية من أنفاسي.. لأجل كل شئ حملته لك فانتهى به الأمر بأن يُلقى وحيداً على أعتابِ وعودِك السابقة...
لأجلِ الحضور برُغمِ الغياب.. ولأن ألم حضورِك يفوق كثيرا ً ألم غيابك.. ولأن الحضور والغياب كلاهما قد تساوى لدي معك ...

لأني اعتدت معك الصمت.. أحبك في صمت.. أشتاق إليك في صمت... أبكيك في صمت... وأغادرك في النهاية في صمت ...
لأن الصمت في حضرتك أبلغ من الكلام وأمتع من الكلام ..
لأنني بعد أن كنت الطرف الأضعف، أصبحت في النهاية الأقوي ... الأقوى بالنُبْلِ وبالألم ...
لأن ألمي في حبك قوي جدا ً.. قوي إلى الحدِ الذي لا أحتمله.. إلى الحدِ الذي يعتقني ويمجدني.. ألمي في حبك بمثابةِ الصليب الذي أحمله لأكون فداءً، فأخلِّصَكَ  بألمي من ذنبِ وجودِك إلى جواري، وأخْلُص أنا من وجع الحياة.. لكل هذه الأسباب أكتب إليك، لأُعلِمك، وأُعلِّمك...

أحببتك إلى الحد الذي رفض الاستسلام إلى فكرةِ أنك تغيرت، فأبقى على صورتك القديمة بمنتهى الخذلان، وبشكل يدعو إلى الاستياء، أصبحتُ أفاجأ في كل مرة بأفعالك التي تصدمني وتجرحني، لا لشئٍ إلا لأني رفضتُ توقع أي سئ ٍ منك، أبيت إلا أن أجعلكَ في مخيلتي فارسا ً نبيلا ً لا يأتي بما يأتي به العامة. صدقني يا صديقي أنا في أمسِّ الحاجةِ إلى من يُنقذ سيرتك الذاتية لديّ، إلى من يواري سوءاتك، ويبرر ابتساماتك البلهاء أمامي...

سل أي شئ فيك كان لك في آخر لمسة يدٍ بيننا ومازال عندك.. ليس قلبك بالطبع كما أنها ليست روحك ولا ابتسامتك .. ربما ذاكرتك.. أجل هي ذاكرتك اللعينة منذ البداية.. سل ذاكرتك ما الذي يبكيني في رسالاتك! أخبرني إذا أجابت.. ربما تخطئ.. أو لعلني أنا المخطئة ...

مزعجٌ هو قلبي.. هذا الذي يأخذ صفك دوماً ويبرر لك كل الأخطاء، بشكل بات يزعجني من كثرة مبالغته وإسرافه,..


لماذا أنت ؟؟؟

لعلك تتساءل مثلي تماماً ... لماذا أنت دوناً عن غيرك ؟ لماذا أنت من بين الجميع ؟!!!

إذا كان لديك إجابة عنها فهات لأراها وتنال ثوابي ... أما إذا كنت أنا المعنية بالجواب عن هذا السؤال، فربما أنا لا أعرف ... ربما لأنني أحببتك بصدق .. أو لأنني أحببتك بعمق، أو لأنني هربت من العالم الذي ضاق بي إليك ... بعد أن اعتدت الخذلان من الجميع، لجأت اليك أعلق لديك كل آمالي، وألقي إليك بكلِّ مآتي الزمان .. لم أتوقع الخذلان منك أنت الآخر ... لم أتوقع سوى ضمة قوية تشفيني من السقم الذي أحاط بخافقي، لذلك لم أصدقك حينما غادرت، أقسم لك بأنني لم أصدق ذلك .. توقعت أن أذهب إلى البيت في المساء فأجدك في انتظاري عند الباب، وبحوزتك مجموعة منتقاة من أزهاري المفضلة .. أن تكون إحدي مزحاتك السخيفة، أو هو مجرد تهور وذلة من أثر التوتر، سأغفرها لك بكل تأكيد بمجرد أن أضع رأسي على كتفك ... لم أصدق أنك فعلتها - ليسَ لنُبْلِ أخلاقِك، ولا لأنك تتورّْع عن فعل هذا، وإنما لأنني لم أثق بحياتي بشخصٍ سواك ... نرجسيتي لم تكن لتسمح بتصديق أن يبتعد الشخص الوحيد الذي إطّلع على قلبي ، ليتركني عارية إلا من حزني .. ثم إنني لم آت بما قد يكون البعد مقابلا ً له، فعلامَ تعاقبني يا سيد قلبي ... على إخلاصي؟ على أنني لم أستطيع أن أكف عن حبك حتى عندما تخلصت من قلبي ، أم على الدمع الكثير الذي أذرفته لأجلك وأمامك وبين عينيك، فما كان منك إلا أن أدرت كتفك إليّ، معلناً لي أنه لم يعد بوسعي أن أبكي بين ذراعيك ...

أو ربما لأن الأحلام التي حلمتها معك، ووثقتُ بأنها ستصير حقيقة، لم يتحقق منها إلا القليل ... ربما لا أريد الابتعاد إلا بعد أن أنجز ما تبقى لي ... عِدْ معي .. شعُرْتَ برجفة خافقي ثم لم تهدِني عناقاً يدفئني ... وأنت الوحيد الذي يعلم حاجتي إلى البكاء والتي لم أبديها يوما ً أمامهم ، لم تمهلني الوقت لأذوب بين أضلعك وأبكي ملأ قلبي ... وأنت الوحيد الذي يعلم عن امتناعي عن النوم، وعن مخاوفي وكوابيسي الليلية لم تمنحني الفرصة لأغفو – ولو قليلاً – على صدرك ... وأنت الوحيد يا سيد دمي الذي يعلم كم أخاف البعد، ورغم ذلك آثرت أن تسلبني حقي في بقائك ...

ربما لأنني لم أعتد عَدُّ أحلامي إلا على أصابع يديك وأنغامِ صوتك، ربما لخشيتي على تلك الأحلامِ من التلاشي برحيلك، خوفي من أن أترك لك – ضمن ما تركت – أسباب بقائي المعدودة، والتي علقتها بحبل الآمال في رقبتك، وتركتها مدلاة على صدرك في انتظار أن أحضنها وأغفو ... ربما لخشيتي على قلبي الذي بدا لي أنني تركته في جيب سترتك العلوي إلى اليسار ... ربما لأن الهروب والإنكار عنصرانِ ملازمانِ لرغبتي في البقاء ...
ربما لهذه الأسباب –أو لغيرها – أرفض الاعتراف برحيلك بلا عودة .. أؤثر فكرة الخلود والسرمدية الحالمة، والتي تعطي قصتنا قدراً لا بأس به من القدسية والرومانسية والخلود، يعوضني عن الجرح وخيبة الرجاء !!!
.....

نحن نكذب على أنفسنا .. نغطي فشلنا في الاستمرار ببرقع من القدسية لا يليق بالخيبة، ونخبئ قلة حيلتنا وضعفنا بقوة الخلود والأبدية الكاذبة ... صدقني يا صديقي .. عارٌ علينا ما نفعل ... مآتينا لا تليق بهذه القدسية، وذاك الخلود ...

اعترفتَ بأنكَ لم تعد تحبني، وها أنا ذا أعترف أنا الأخرى ... لم أعد أحبُكَ ... تلك هي البداية ... الخطوة التالية تكمن في النسيان ... لنا في النسيان حق بعد كل جرح .. لنا في النسيان رحمة وحياة ... حزننا واحد يا عزيزي وإن اختلفت أسبابه لدى كل منا .. إذا ظللنا في مواجهة أحدنا الآخر لن نرى سوى حزننا وألمنا ... أما إذا قررنا نسيان الألم يتوجب علينا أن نولى ظهورنا لبعضنا البعض، ومن ثم للألم القابع بيننا ... دعنا نقابل بهجتنا يا صديقي فنحن نستحقها بعد كل ما تكبدنا من الألم ... يقولون أنه لكي تنال السعادة، إما أن تحزن ملأ قلبك، أو أن تفرح ملأ قلبك .. أظن أننا تكبدنا الكثير من الحزن وحملنا أوجاعنا صلبانا فوق ظهورنا ولم نجنِ شيئا ً.. أظن أنه آن لنا أن نرقص عراة أمام شمس الصباح علّها تغمر قلوبنا بدفء ينعشها، ويمنحنا الحياة ...


اغفر لي ألمي يا صديقي ... اغفره لي فأنتَ سببه وهو كله منك وإليك ... لكنني أعدك بأنه الأخير .. الأخير على الإطلاق ... أعلم أن براءة قلبي وبياض نيتي وأحلامي التي عقدتها جميعاً عليك لن تعود كسابق عهدها بعد أن لوثَتْها أصابعُك المكسوة بالهجر ... لكن بكائي الطويل على كتف النسيان سوف يطهرني ويعتقني ... سيغسلني من خطيئة إخلاصي لك بثلجٍ وماءٍ وبَرَدْ ... سيقرأ على قلبي السلام حتى أغفو طويلاً .. وأغفو عميقا ً وأتحرر من كوابيسي الليلية.. وتتحرر وسادتي من تكرار أحلامي ..

 

المخلصة لك ما استطاعت ...

الأحد، 15 يونيو 2014

ظلال 7

لا أعلم شكل ظلك ... لا أعلمه حقا ً لأنني لم أره بحياتي ...
فكلما وقفت إلى جوارك، لا نولي وجوهنا إلا شطر الشمس .. فترتمي الظلال الحزينة وراء ظهورنا ...

الأربعاء، 19 مارس 2014

ظلال 6



ظل نحيل طويل بطول الأمد ... بعيد بعد المحال ...

يسقط عن كاهليه أعباء السنين الماضية ... يمسح عن وجنتيه غبار الزمان ... يغمد سيفا ً معلنا ً انتهاء المعركة ... يمد يدا ً نحو الخيال ...

يقلت زمام حلمه الورديّ ... يفرد جناحين من استبرقٍ ويطير ...

يلتقي في فضاءٍ سرمديّ ظلا ً نحيلا ً طويلا ً، يحمل رائحة الماضي، ويتجه نحو الأبد ... كان على موعد معه من قديم الأزل، لكنه لم ينسى برغم كل ما قاساه ... ينفض رأسه بعنفٍ ليحرره من الأفكار والأوهام والقيود ... يحرر رئتيه من غبار المعركة، وبقايا البارود ...

يتعانق الظلان طويلا ً، ويمتزجا ببعضهما البعض، ليبدوان كظلا ً واحدا ً، معلنين انتصار الأحلام في زمانٍ لم يعد يصدق سوى الأكاذيب.