وردة وفراشة وزقزقة عصفورة
الدنيا كانت زحمة أوي في دماغي في اليوم دة ... زحمة لدرجة إن أفكاري مش عارفة تتنفس , وبتتخانق مع بعضها علشان شوية هوا , زحمة لدرجة إن الأفكار كانت بتقع من دماغي كل ما أهزها ...
قررت في اليوم دة إني أروقها وأنضفها من كل اللي جواها وأغسلها كدة وأظبطها , مش هي بس في الحقيقة لكن كل حاجة فيا كانت محتاجة تتغير , دماغي وقلبي وروحي .. وأهم حاجة روحي علشان كانت تعبانة أوي ..
أنا كنت زمان بتخيل إن النيل دة فنجان شاي كبير وسخن أوي , وكنت كل ما بقف علي كوبري قصر النيل أتخيل نفسي حتة سكر قررت الانتحار , وإني هنط في فنجان الشاي , بس كانت مشكلتي في مين اللي هيقلب الفنجان ... الهوا؟ المراكب ؟ وللا حرارة الشاي مع الشمس هيقدروا يدوبوني؟ لكن كنت متأكدة إن إن إرادتي ورغبتي فر إني أدوب وأتلاشي هتكون كافية جدا إنها تدوبني حتي في أكتر يوم برد وماشافش الشمس ...
حسيت في اليوم دة إني ماليش دوا غير النيل والشمس والكورنيش .. النيل هو اللي هيعرف يغسل قلبي ويشيل كل التراب , والشمس هتعرف تنشفني وتدفيني زي عادتها , والمشي ع الكورنيش كافي أوي إن يطهر ويكوي كل جروحي ...
قررت بكل سعادة إن اليوم دة إيجابي من أول لحظة لآخر لحظة ... نزلت م البيت .. صبحت ع الشمس وهي كمان صبحت عليا وباستني .. قلتلها شكرا علي كل الدفا اللي اديتيهولنا الشتا دة وكل شتا .. وقفتي جنبي كتير وكنتي دايما بتدفيني لما بكون بردانة من جوة مش من برة ...
قلت دعاء الخروج , ومارست هوايتي في تأمل السما الصبح بدري , ومداعبة الكائنات الحية الحقيقية – زي القطط والكلاب والحمام والغربان – والكائنات الخرافية - اللي مش موجودين غير في خيالي - اللي ياما ضحكوني وضحكوا الناس عليا ... ركبت الأتوبيس , وطول الطريق بسمع أغنيات حلوة أوي كانت وحشاني .. كلمت صحابي في التليفون وبعدها قعدت قريت في كتاب لرحاب بسام ...
مشيت زي ما كنت متعودة أمشي زمان , من الاسعاف للكورنيش .. مشيت من التحرير لكورنيش المعادي , ورجعت تاني ومشيت علي كوبري قصر النيل حبيبي ... الرحلة كانت طويلة وممتعة جدا .. وأنا كنت مشرقة ومتألقة جدا ...
أنا بحب المشي لوحدي , بس في اليوم دة كنت حاسة إني مش لوحدي , وكنت مبسوطة جدا .. كنت بسمع أغاني حلوة , بس كانت مسيطرة عليا أوي إيديا في جيوبي وقلبي طرب
سارح في غربة بس مش مغترب
وحدي لكن ونسان وماشي كدة
ببتعد معرفش أو بقترب*
* رباعية لصلاح جاهين غناها محمد منير
كان نفسي أعمل ذكريات جديدة أحلي وأسعد من القديمة , حتي لوماقدرتش أنسي القديم ... أصلي هنسي في أد ايه ؟؟ أيام؟ أسابيع ؟ شهور؟ سنين ؟؟؟ طيب وهي الذكريات دي اتعملت في سنين علشان أنساها في سنين ؟ طيب وهو العمر فيه كام سنة علشان أضيع شوية منهم في النسيان ؟؟؟
مشيت علي كورنيش المعادي وأنا فرحانة أوي , ودي أول حاجة اتغيرت جوايا , حزني الكبير فجأة اتبدل بسعادة كبيرة ... قلت الحمدلله إن الكورنيش لسة ما اتباعش .. والله مش عارفة من غيره كنت عملت إيه.. والحمدلله إننا برغم كل شيء قادرين نشم نسايم الأمل ونحلم بالحب ... شكرا يا وطن إنك لسة سايب ع الرصيف مساحة لسة ما اتباعتش أقدر أمشي عليها في البرد واتدفي بالدرة المشوي وحمص الشام وحب الناس ... برغم كل شيء أيامنا فيها شيء بيعشق الحياة ...
حاجة تانية اتغيرت جوايا .. الحب اللي عندي فجأة بقي حب من نوع تاني .. حب لكل حاجة حواليا .. لكل مخلوقات ربنا , بالذمة مش كدة أحسن ؟؟ كنت حاسة إني بحب الناس أوي , وكمان كنت متأكدة من إن الناس بتحبني أوي , كان باين في عينيهم أوي زي ما كان باين في عينيا .. أصل العيون دايما صادقة ما بتكدبش , حتي عيون الناس الكدابين ما بتكدبش .. علشان دايما العيون موصلة ع القلوب , ومفيش قلوب بتكدب .....
أتاري الدنيا نفسها طلعت حلوة , الحياة حلوة من غير حاجة بس إحنا لما بنشوف حلاوتها بنفكر إن الشباك اللي طلينا عليها منه هو اللي حلو , مش هي اللي حلوة , ولو الشباك دة اتقفل بنفكر إن الدنيا ضلمت مع إنها بتكون لسة منورة برة ...
فندق جراند حياة .. مكان كنت كل ما أعدي عليه اتكسف من نفسي أوي , يااه ع الذكريات دي , بتلزق في الدماغ لزقة .. بس اليوم دة كنت علي العكس تماما , فخورة بنفسي أوي .. كانوا عمال الفندق معتصمين , وقفت وسطهم ولسة الأغاني شغالة في ودني , وقعدت اقرا لافتات الاعتصام وكلهم حيوني بالابتسام والكلام كمان , وواحد فيهم قاللي إنتي جميلة أوي .. كنت فرحانة أوي , وحاسة إني فراشة بتطير .. يااه , كلمة اتقالتلي كتير , بس دلوقتي بس حسيتها لما لقيت قلبي بيرفرف بجناحات فراشة , أكيد كل ما هعدي من المكان دة مش هفتكر غير إني فراشة ...
وقفت ع الكورنيش , عند المكان اللي اتقالتلي فيه أجمل كلمة بحبك , بصيت للشمس برده , بس المرة دي كان شروق مش غروب , وأنا طول عمري بحب الشروق أكتر , بشوف فيه الشمس بتتولد وبتفتح عينيها كل يوم وكأنها أول مرة تفتحها , بشوف فيه كل آمالي وأحلامي , بحس تحت الشمس إني طفلة بجد ...
بصيت للنيل, هو كمان كان مبسوط المرة دي أكتر , الشمس الرة دي كانت يدوب مدفياه مش محرراه زي المرة اللي فاتت ..
رجعت تاني وأنا سعيدة بغني في الشارع وببتسم , والناس بتضحكلي أو بتضحك عليا مش مهم , المهم إني حسيت وقتها إني مولودة من جديد ...
وقفت علي كوبري قصر النيل حوالي ساعة ونص مستنية تليفون من هدير صاحبتي كنت هقابلها في الدقي – في مكتبة مصر العامة – مبارك سابقا – وقفت ع الكوبري الوقت دة كله , رافعة رجليا الاتنين علي أول درجة من درجات السور , وماسكة بايديا فيه وفاردة دراعاتي علي الآخر ومرجعة ضهري لورا وببص ع النيل بعيوني اللي كانوا واسعين أوي في اليوم دة , وكنت حاسة إني شايفة بيهمالكون كله .. الدنيا كانت براح أوي , منير صوته جميل أوي , وإحساسه عالي أوي .. رجعلي ثقتي في نفسي وفي كل حاجة .. الهوا مش ممكن كان هيطيرني بجد , والشمس دافية أوي , ودفاها واصل لقلبي , وكنت حاسة الهوا بيخترقني وياخد كل همومي معاه وهو خارج ويرميها في النيل , وأنا مش قادرة أحس غير بروعة المشهد , وجمال صوت منير , وروعة كلمات أغاني بلاك تيما وحمزة نمرة .. فضلت أشع لفترة طويلة , لحد ما بقيت حاسة إن أنا والنيل حاجة واحدة , بس حاجة حلوة أوي ... اكتشفت أول اكتشاف علمي ليا .. درجة انصهار حزني بتساوي حرارة الشمس ناقص برودة النيل في فصل الشتا ...
فضل المشهد دة مدة طويلة لدرجة إن الناس فكرتني عاوزة أنتحر بس خايفة ووراحد مصري جدع عرض عليا يساعدني بدفعة قوية توقعني في النيل بسرعة ومن غير ما أحس ...
والحق يتقال , صوت الأغاني العالي مش بس خلاني ما اسمعش لتوسلات حزني اللي بيغرق في النيل , لكنه كمان خلاني ما اسمعش الناس اللي كانت مشبعاني تريقة ...
قابلت هدير واتمشينا بلا هوية وإحنا عارفيين إن عمرنا ما هنتوه , لحد ما لقينا نفسنا عند مشتل مركز شباب الجزيرة , دخلنا اشترينا زهرتين , ودي كانت أول مرة لينا إحنا الاتنين نعتني بأزهار .. اتصورنا بعدها مع كلاب الحراسة الضخمة بتاعة المشتل .. كان شكلهم مرعب في الحقيقة وهدير كانت خايفة موت , بس أنا كنت أجرأ شوية .. بس الحلو إن هدير كانت أول مرة في حياتها – وأظن الأخيرة – تلمس كلب ...
اتصاحبنا علي الكلاب , وعلي الناس بتوع المشتل , وعلي الورود نفسها اللي فيه , وقررنا احنا الاتنين اننا نيجي المكان دة كتير ...
خرجنا من المشتل متجهين لساقية الصاوي , وفرحانين أوي بالزهور , وكل واحدة فينا حاضنة زهرتها أوي , وجواها فرحة تانية غير اللي علي وشها , فرحة إنها بقي ليها ونيس في البيت , فرحة إنها أول مرة تعتني بزهرة بنفسها , وإنها مسئولة عن روح تهتم بيها وتراعيها وتكبرها .. الأمومة دي أعظم حاجة خلقها ربنا ... وأنا شخصيا كنت فرحانة بيها أكتر لأن هدير هي اللي جايباهال , وأنا بموت في كل حاجة هدير بتجيبهالي ...
مشينا لحد الساقية في شوارع عمر ما حد فينا مشي فيها قبل كدة , اشترينا ورد من محل زهور في الزمالك , وبعدها دخلنا الساقية , علي النيل عدل , واتصورت مع أحد أصدقائي القطط اللي هناك , اللي بيحبوني وبحبهم , وبيحبوا يناموا علي رجلي وفي حضني بالساعات ...
عاكسنا البط في النيل , وعاكسنا النيل نفسه , وفضلنا قاعدين نسمع في أغاني , ونحكي ونضحك وناكل لب ونعاكس في الشمس لحد ما اتكسفت مننا وروحت , وروحنا احنا كمان , وكل ماحدة فينا حاسة إنه كان يوم جميل خارق للعادة , وقررنا نكرره لأن لسة في حاجات كتير ما عملنهاش آيس كريم العبد , ومكتبة ديوان ونادي التجديف وحاجات تانية كتير ... ودعنا بعض وأنا حاسة إني بجد لسة مولودة علي فطرتي , بحب ربنا أوي , وبحب الناس والدنيا ...
لما وصلت البيت فرجت أهلي علي الزهرة , وجبت مسمار كبير وحفرت بيه علي فخار الأصيص ...
أول خطوة
Roufa Loves Diro
الأربعاء 16/3/2011
حنك السبع*
لذكري يوم جميل في حياتي
لذكري أول زهرة في حياتي
لذكري أول كلب تمسكه هدير العصفورة الرقيقة اللي مش بتبطل زقزقة ...
* نوع الزهرة
ذكرى يوم عبقرى ف
ردحذفحياتى <3<3<3